قالت الناشطة الحقوقية والحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2023، نرجس محمدي، إن الحرب في إيران لم تتوقف، فحتى في غياب القصف يعيش الإيرانيون بلا سلام حقيقي، لأنهم يخضعون لنظام يسيطر على كل تفاصيل حياتهم الخاصة والعامة.
وكتبت محمدي، يوم الجمعة 5 ديسمبر (كانون الأول)، في مقالٍ بمجلة "تايم" الأميركية، أن "سلام الإيرانيين تلاشى بفعل المراقبة الدائمة، والرقابة، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والتهديد المستمر بالعنف"، مشيرةً إلى أن هذا السلام المنقوص يتآكل أكثر بسبب اقتصاد منهك بالفساد وسوء الإدارة، وضغوط العقوبات، وقلق يومي من التضخم والنقص والبطالة، إلى جانب التدمير المستمر للبيئة.
ومن جهتها، قالت سمية غلبور، رئيسة اتحاد الجمعيات العمالية في إيران، في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن الأوضاع المعيشية المتدهورة وارتفاع أسعار المواد الغذائية "جعلت العامل عاجزًا حتى عن تأمين الحد الأدنى للبقاء".
وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ذكرت وكالة "رويترز" أن إيران، في ظل عودة العقوبات الأممية، تواجه خطر الانهيار الاقتصادي، محذرةً من احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة "التضخم المفرط" بالتزامن مع ركود حاد، وهو وضع يهدد معيشة الإيرانيين وكذلك استقرار النظام السياسي.
الإيرانيون بين حربين
أكّدت محمدي أن "السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل الأساس الذي تُبنى عليه الديمقراطية والاستقرار والنمو الاقتصادي والتغيير الاجتماعي وتشكّل المجتمع المدني". وأضافت أنه بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا، وجد الإيرانيون أنفسهم بين حربين: حرب النظام ضد الشعب، والحرب بين النظام وإسرائيل.
وفي 13 أغسطس (آب) الماضي، قالت حملة حقوق الإنسان في إيران: "إن السلطة القضائية والأجهزة الأمنية شنّت بعد الحرب مع إسرائيل حملة واسعة من الترهيب والقمع في المدن، استهدفت ناشطين مدنيين وسياسيين وثقافيين، إضافةً إلى عائلات الضحايا والمحامين المستقلين".
الديكتاتورية والحرب وجهان لعملة واحدة
أوضحت محمدي أن الديكتاتورية والحرب مترابطان، مشيرةً إلى أن مجموعة من النشطاء الديمقراطيين ورموز السلمية قدّموا في بياناتهم المناهضة للحرب مطالب واضحة، بينها: إقامة نظام ديمقراطي علماني يمثل الشعب تمثيلاً حقيقيًا، وإجراء استفتاء حر ونزيه بإشراف الأمم المتحدة، وصياغة دستور جديد عبر جمعية تأسيسية منتخبة.
التغيير في إيران يحتاج دعمًا دوليًا حقيقيًا
شدّدت محمدي على أن "التغيير في إيران يتطلب ضغطًا دوليًا لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وإنهاء التمييز ضد النساء، ووقف الإعدامات، والإفراج عن السجناء السياسيين وأصحاب الرأي، وفتح المجال أمام نشاط المجتمع المدني".
وفي ختام مقالها، دعت المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في مقاربته تجاه "التغيير" في إيران، والعمل من أجل تمهيد الطريق لانتقال سلمي من الاستبداد إلى الديمقراطية.
وفي سياق متصل، قالت المحامية الإيرانية الحائزة على نوبل للسلام عام 2003، شيرين عبادي، في مؤتمر "حقوق الإنسان في إيران بعد سقوط النظام" الذي عُقد في 18 أكتوبر الماضي بالعاصمة النرويجية أوسلو، إن محاولات بناء التحالفات على شعارات عامة مثل "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان" لم تنجح؛ لأنها مفاهيم واسعة وتتباين الآراء عند مناقشة تفاصيلها. ودعت إلى الاتفاق على القضايا التفصيلية لبناء تحالف حقيقي.

