تناولت الصحف الإيرانية الصادرة، يوم السبت 6 ديسمبر (كانون الأول)، عددًا من التحديات الداخلية والخارجية المترابطة، ومنها تحول الفقر إلى أزمة بنيوية، والإخفاقات في إدارة ملفات الحد الأدنى للأجور، والتلوث البيئي الحاد، وسط تعقد المشهد الإقليمي والدولي في ظل تعثر المفاوضات النووية.
وربط الكاتب قادر باستاني تبريزي، في مقال بصحيفة "جمهوري إسلامي" الأصولية، بين تحول الفقر إلى أزمة بنيوية وسياسات الحوكمة الخاطئة، وأكد أن الحل يتطلب إصلاحات جذرية تعيد صياغة أولويات الموازنة، وتستند إلى العقلانية والشفافية في صنع القرار.
وتؤكد رئيس تحرير صحيفة "اقتصاد بويا" الإصلاحية، مونا ربيعيان، أن هذا الوضع هو نتاج تراكم سياسات فاشلة وإهمال مؤسسي، ويشكل إنذارًا بانهيار هادئ للمجتمع ما لم تُواجه جذور الأزمة بشفافية وإرادة حقيقية.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "خراسان"، التابعة للحرس الثوري، عن تعثر آلية تحديد الحد الأدنى للأجور في إيران بسبب غياب البيانات الدقيقة، وتباين تكاليف المعيشة بين المناطق، مما يؤدي لصراع سنوي عقيم بين العمال وأصحاب الأعمال دون حلول جذرية.
وعلى صعيد المفاوضات، تتواصل، وفق صحيفة "آرمان امروز" الإصلاحية، المشاورات الروسية- المصرية لمعالجة الملف النووي الإيراني دون نتائج ملموسة، حيث تشترط طهران رفع العقوبات لاستئناف المفاوضات، بينما يشكك مراقبون في فاعلية الوساطات التقنية دون خطوات عملية.
وترفض إيران، بحسب صحيفة "روزكار" الأصولية، عروض التفاوض الغربية، معتبرة أنها تستند لفرض شروط أحادية دون احترام متبادل، وتعتبر الدبلوماسية الغربية غير قادرة على فهم واقع المنطقة، أو ضمان تنفيذ الاتفاقيات السابقة.
وانتقدت صحيفة "شرق" الإصلاحية محدودية الرواية الرسمية الإيرانية في المرونة التكتيكية اللازمة لمواكبة التعقيدات الإقليمية والدولية المتزايدة ومواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية المتراكمة.
وفي الشأن الإقليمي، تواجه إيران، بحسب صحيفة "شرق" الإصلاحية، تحديات في إدارة نفوذها بالعراق ولبنان، مما يستدعي تبني استراتيجية تعتمد على دبلوماسية أكثر دقة واحترامًا للسياسات الداخلية لتجنب تحول هذا النفوذ إلى عبء.
وأعدت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية تقريرًا عن صدى فتوى آية الله السيستاني، بشأن الامتناع عن الاقتداء بالأئمة، الذين يتقاضون رواتب حكومية؛ حيث استغل الإصلاحيون الحدث للتشكيك في تمويل المؤسسات الدينية الإيرانية، بينما دافع الأصوليون عن استقلالية النظام الإيراني وطبيعة الدور الموسّع لأئمة المساجد فيه.
ومحليًا، استطلعت صحيفة "جهان صنعت" الإصلاحية آراء الخبراء في تفاقم أزمة التلوث، والذين أكدوا أن الاستخدام المكثف للوقود السائل رديء الجودة، والمركبات المتهالكة، وتدني الحكومة البيئية، من الأسباب الرئيسة للأزمة، مما يستدعي تحولاً عاجلاً نحو وقود أنظف وإصلاحات هيكلية.
ووفق صحيفة "اسكناس" الاقتصادية، توصي الثقافة الإيرانية والطب التقليدي باستخدام نباتات كالريحان والنعناع لتحسين جودة الهواء الداخلي، حيث تعمل زيوتها العطرية على تنقية الأجواء وتهدئة الأعصاب مع تقليل الروائح غير المرغوب فيها.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"كيهان": زيادة الاستهلاك.. مسئولية المواطنين أم سياسات خاطئة للحكومة؟
نشرت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد الإيراني، على خامنئي، تقريرًا موسعًا عن تفاقم الهدر في استهلاك الخبز والمياه والغاز والكهرباء والوقود، مما يحمل الدولة والأسر أعباءً مالية ضخمة، وحذر من تداعيات هذه الخسارة الاستراتيجية على تهديد الأمن الغذائي والاقتصاد نتيجة ضعف الرقابة والإنتاج.
وسلط التقرير الضوء على "أزمتي الطاقة والموارد المائية المتفاقمتين؛ حيث يتجاوز استهلاك الوقود قدرات الإنتاج وسط هدر مؤسسي كبير، بينما تبدد الأساليب الزراعية التقليدية ما يصل إلى 90 في المائة من المياه مع تقادم شبكات التوزيع، وهو ما يستدعي اعتماد تقنيات حديثة وفرض رقابة فعالة لمواجهة هذه التحديات الاستراتيجية".
وحمّلت الصحيفة، رغم الإقرار بأن "الهدر مشكلة حقيقية، المواطنين المسؤولية الكبرى، متجاهلة مسؤولية السياسات الحكومية، وضعف البنى التحتية، وفشل برامج الرقابة والإدارة".
"آرمان ملي": مسارات الحد من الاستياء الاجتماعي
في حوار إلى صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية، قدم النائب البرلماني السابق، حسين أنصاري راد، قراءة نقدية لوضع حكومة مسعود بزشکیان، مؤكدًا أن أي تقييم لأداء الرئيس يجب أن يراعي حجم القيود، التي تعمل ضمنها الحكومة؛ حيث وصف رئيس الجمهورية بالصادق العاجز عن اتخاذ قرارات كبرى بسبب ارتباط سياساته بالإطار العام للدولة، ما يحد من حركته ويضعف قدرته على تنفيذ وعوده الانتخابية.
وأضاف أن "تعثر بعض المديرين ووجود ضعف أداء لا يعني بالضرورة تقصيرًا مباشرًا من الرئيس، بل يأتي انعكاسًا لبنية إدارية معقدة تمنع التغيير السريع. ولذلك فانتقادات الشارع وإمكانية تراجع قاعدة بزشكيان الاجتماعية أمران متوقعان طالما أن الرئيس يتحرك داخل سياسات عامة يختلف حولها كثير من الخبراء".
وانتقد بشدة "أداء الإصلاحيين والأصوليين عبر العقود الماضية"، معتبرًا أن تشبثهم بالمناصب وأخطاءهم الاستراتيجية ساهما في تدهور الأوضاع الحالية. ويؤكد أن الحل لا يكمن في مركزية السلطة، بل في توسيع المشاركة الشعبية وتمكين الكفاءات في عملية صنع القرار".
"إيران": هل تحقق الميزانية الانضباط المالي أم تقوّض الخدمات العامة؟
طرحت صحيفة "إيران" الرسمية تساؤلات حول تأثير سياسة الانضباط المالي على جودة الخدمات العامة، في وقت أعلن فيه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، نموًا محدودًا بنسبة 2 في المائة للميزانية الجديدة مع التركيز على خفض النفقات غير الضرورية ومكافحة التضخم، وذلك قبيل تقديم مشروع ميزانية العام المقبل.
وأفاد تقرير الصحيفة بأن "خبراء الاقتصاد والقانون أكدوا أن تقليص الميزانية دون إصلاح هيكلي قد يؤدي إلى خفض جودة التعليم والصحة والبنية التحتية، خصوصًا في المناطق المحرومة. كما أن إيقاف المشاريع شبه المنجزة وتحجيم الإنفاق على بعض القطاعات يمكن أن يعكس أولويات سياسية أكثر من حاجات حقيقية للمواطنين".
وتابع التقرير:" يمكن للخطوة أن تكون إيجابية إذا رافقتها شفافية كاملة، وتوزيع عادل للموارد، وتعزيز كفاءة الأداء الحكومي. وإلا فإن تقليص الميزانية قد يتحول إلى ضريبة خفية على المواطنين، وستؤثر على حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية مقابل السيطرة على التضخم فقط".

