قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في أحدث تقرير له إلى الجمعية العامة صورة قاتمة عن أوضاع حقوق الإنسان في إيران، محذرًا من تصاعد الإعدامات، وتعذيب المعتقلين، وقمع الأقليات، وفرض قيود متزايدة على الحريات المدنية.
وبحسب التقرير الصادر يوم الثلاثاء 21 أكتوبر، فقد أُعدم في النصف الأول من عام 2025 ما لا يقل عن 612 شخصًا في إيران، أي بزيادة قدرها 119 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأعرب غوتيريش عن أسفه لتجاهل النظام الإيراني التوصيات الدولية بوقف تنفيذ أحكام الإعدام والحدّ من الجرائم التي تستوجب عقوبة الموت، مؤكدًا أن الإعدام العلني "يتعارض مع حظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية".
وكان موقع "هرانا" الحقوقي قد ذكر بمناسبة يوم مناهضة عقوبة الإعدام في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، أن ما لا يقل عن 1,537 شخصًا أُعدموا في إيران خلال العام الماضي.
وأكد غوتيريش أن إصدار أحكام الإعدام في جرائم مثل المخدرات أو "الجرائم الأخلاقية" التي لا تؤدي إلى وفاة مباشرة لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال.
وأشار التقرير كذلك إلى إعدام معتقلي احتجاجات عامي 2022 و2023، ومن بينهم مجاهد كوركور، الذي قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إن محاكمته كانت معيبة وإن اعترافاته انتُزعت تحت التعذيب.
وحذّر الأمين العام من أن التوجيه الأخير لرئيس السلطة القضائية الإيرانية بالإسراع في البت في قضايا "التجسس والأمن" يفاقم خطر الاعتقالات التعسفية والمحاكمات غير العادلة وحتى الإعدامات المتسرعة. كما وصف مشروع قانون "تشديد عقوبة الجواسيس والمتعاونين مع الدول المعادية" بأنه تهديد خطير لحرية التعبير والوصول إلى الإنترنت.
وأشار التقرير إلى استمرار استخدام التعذيب في مراكز الاحتجاز، واعتبر غوتيريش أن "استمرار اللجوء إلى التعذيب في النظام الإيراني مصدر قلق بالغ". كما وصف أحكام قطع الأطراف والجلد بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، مؤكّدًا أن أوضاع السجون وصحة السجناء السياسيين، ومن بينهم أحمد رضا جلالي، مثيرة للقلق.
وفي ما يتعلق بالأقليات الدينية والقومية، ذكر التقرير أن النظام الإيراني يواصل اعتقال وممارسة التمييز ضد البهائيين والأكراد والبلوش والعرب، وأن هذه الإجراءات القمعية ازدادت بعد الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل. وأوضح أن السلطات اعتقلت ما لا يقل عن 13 بهائيًا، وأصدرت أحكامًا بالسجن بحق 96 مسيحيًا، وفرضت قيودًا على عشرات الطوائف الدينية الأخرى.
واستند غوتيريش في جزء من تقريره إلى نتائج بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، التي تحدثت عن جرائم ضد الإنسانية، وتعذيب، وإعدامات، واعتقالات تعسفية، واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، مؤكدة أن بعض القضاة الإيرانيين أصدروا أحكام الإعدام في محاكمات تنتهك بوضوح معايير العدالة.
وطالب الأمين العام النظام الإيراني بوقف جميع الإعدامات فورًا، والإفراج عن السجناء السياسيين والمعتقلين تعسفيا، ووقف التعذيب، والانضمام إلى اتفاقية مناهضة التعذيب. كما دعا إلى إلغاء القوانين التمييزية ضد النساء، وإلغاء الحجاب الإجباري، وإلغاء تجريم النشاطات المدنية والسياسية.
وفي ختام التقرير، حثّ غوتيريش السلطات الإيرانية على التعاون مع المقرّر الخاص وبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة.
ويأتي صدور هذا التقرير بالتزامن مع تقرير آخر من إعداد ماي ساتو، المقرّرة الخاصة الجديدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، التي أكدت فيه أن "وضع حقوق الإنسان في إيران يتدهور بشكل مقلق منذ الحرب الأخيرة بين النظام الإيراني وإسرائيل".
وفي ردّه على تقرير ساتو، وصف أصغر جهانغير، المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، التقرير بأنه "ضعيف وكاذب"، مضيفًا أنه "لا يستحق الرد".

