بينما تنفي إيران تلقيها أي رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطالب بإجراء محادثات نووية مباشرة، فإن تصريحات المرشد علي خامنئي ووزارة الخارجية والسفير الإيراني في الأمم المتحدة سعيد إيرواني تبدو وكأنها ردود على مثل هذه الرسالة.
تشير تصريحات المسؤولين إلى أن الرسالة أو الرسائل تضمنت مزيجًا من الإغراءات والتهديدات. كما تشير إلى أن إيران قد تكون منفتحة على مقترحات ترامب، بشرط أن تظل المحادثات مركزة بشكل صارم على الملف النووي، كما ذكر إيرواني.
وأضاف مندوب إيران في الأمم المتحدة أن طهران يمكنها المشاركة في محادثات مع أميركا فقط لإقناع واشنطن بأن برنامجها النووي سلمي.
وعلى مستوى آخر، يبدو أن الإعلام والمعلقين والسياسيين في إيران في حيرة من أمرهم تجاه نهج ترامب. كما قال المحلل السياسي علي بيدلي لصحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية: "تصريحات ترامب حول إيران أثارت حيرة الجميع".
وأضاف: "ترامب يتجاهل البروتوكولات الدبلوماسية ويسعى إلى إظهار القوة".
وأوضح بيدلي أن الرئيس الأميركي "يريد أن يربك الطرف الآخر، ويتركه في حيرة حول كيفية الرد". وفي ضوء ذلك، اقترح أن إيران ستكون في وضع أفضل إذا استخدمت وساطة الأوروبيين بدلًا من التفاوض مباشرة مع ترامب.
وفي الوقت نفسه، توقع محمد حسيني، السفير الإيراني السابق في الرياض، في تعليق له بصحيفة "شرق" الإصلاحية أن "احتمال هجوم عسكري من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران أمر جدي ومحتمل للغاية في المستقبل القريب".
وحدد حسيني 10 أسباب ومؤشرات تشير إلى أن هجومًا على إيران بات وشيكًا.
وتشمل هذه الأسباب التقييم المشترك لإسرائيل والولايات المتحدة لتغير موازين القوى في المنطقة، وانخفاض قدرة إيران على الرد على التهديدات، وإدراك المسؤولين في كلا البلدين بتراجع العلاقة بين الشعب الإيراني والنظام.
وأضاف حسيني أن إسرائيل والولايات المتحدة تدركان أن إيران قد سرعت من وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تسمح بتصنيع الأسلحة.
كما أشار إلى أن كلا البلدين يدركان فقدان إيران لعمقها الاستراتيجي في المنطقة، وإمكانية أن تستخدم روسيا طهران كأداة مساومة في مفاوضات أوكرانيا.
من جانبه، قال علي حسين غضنفري، المحلل في "إيران إنترناشيونال"، ومقرها لندن، إن ترامب يدرك أن الإيرانيين لن يوافقوا على التفاوض تحت الضغط، لكنه يصر على المحادثات فقط لإظهار أن طهران غير راغبة في التفاوض.
في الوقت نفسه، قال الدبلوماسي السابق فريدون مجلسي لوسائل الإعلام المحلية إن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي يشعر بالقلق إزاء احتمال تحويل البرنامج النووي الإيراني إلى صنع أسلحة، وأن هناك قلقًا غربيًا من انتشار الأسلحة النووية في المنطقة نتيجة التنافس بين الدول الإقليمية وإيران، وأن دولا أخرى بالمنطقة قد تعمل على تطوير برامجها النووية الخاصة.
وأضاف أن غروسي يدرك قدرة إيران على تجاوز العقوبات الاقتصادية الأميركية بشكل فعال، مما يجعلها أقل استعدادًا للتخلي عن التخصيب.
ونقل عن غروسي قوله إن البرنامج النووي الإيراني اكتسب زخمًا جديدًا منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015.
من جهته، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق في البرلمان الإيراني، هشمت الله فلاحت بيشه، لموقع "نامه نيوز" المحافظ إن تهديدات ترامب ضد إيران مجرد "خداع"، وأن الوقت الحالي ليس مناسبًا لإيران للتفاوض معه.
كما رفض المعلق في التلفزيون الحكومي حسن حنيزاده خطاب ترامب حول "الحرب أو التفاوض"، ووصفه بأنه "تهديدات فارغة"، مؤكدًا أن ترامب ليس لديه نية حقيقية للتفاوض مع إيران.
في المقابل، قال جلال ساداتيان، الدبلوماسي الإيراني السابق في لندن، لموقع "نامه نيوز" إن ترامب قد يخفف من موقفه تجاه البرنامج النووي الإيراني، لكنه من غير المرجح أن يغير نهجه الأوسع في التعامل مع إيران.