اعترف خالد مهدييف، أحد المتهمين بمحاولة اغتيال الصحافية والناشطة السياسية مسيح علي نجاد، خلال جلسة علنية لمحاكمته، بأنه كان ينوي قتلها، فيما وصف المدعي العام المؤامرة بأنها "مروعة"، متهمًا النظام الإيراني بمحاولة قتل هذه المواطنة الإيرانية-الأميركية على الأراضي الأميركية.
ووفقًا لتقرير مراسلة قناة "إيران إنترناشيونال" في نيويورك، مریم رحمتي، التي حضرت جلسة المحاكمة، فقد اعترف خالد مهدييف، بعد أن وقف في منصة الشهود أمام هيئة المحلفين، بأنه كان موجودًا في عام 2022 أمام منزل علي نجاد في بروكلين، وقال: "كنت هناك لأقتل الصحافية".
وأضاف مهدييف أنه كان عضوًا في المافيا الروسية، واعترف بارتكاب جرائم متعددة في نيويورك وبروكلين، بما في ذلك محاولة القتل والتآمر والابتزاز.
وأعلن أعضاء هيئة المحلفين أنه نتيجة هذه الاعترافات، يواجه حكمًا بالسجن لمدة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات على الأقل، لكن قد يصدر بحقه حكم السجن المؤبد أيضًا.
وقال المدعون إنه عند لحظة القبض على خالد مهدييف، تم العثور بحوزته على 66 طلقة، ومخزنين مملوئين، وطلقة واحدة داخل ماسورة السلاح جاهزة للإطلاق.
وشهد أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وهو مستشار قانوني ملحق بالسفارة الأميركية في جمهورية التشيك، والذي تعاون مع السلطات التشيكية لاعتقال بولاد عُمروف الذي كان في أميركا وأعطى تعليمات لمهدييف لاغتيال مسيح علي نجاد في نيويورك.
كما شهد الشرطي الذي ألقى القبض على مهدييف في بروكلين أمام المحكمة، وبعد أن تعرف على السلاح والذخيرة التي تمت مصادرتها منه، قال إن السلاح كان جاهزًا للإطلاق.
ووفقًا لمراسلة "إيران إنترناشيونال"، في اليوم الثاني من المحاكمة، شرح المدعون لهيئة المحلفين كيف استخدمت إيران على مدى السنوات الماضية كل الأدوات، بما في ذلك التهديد والضغط على عائلة مسيح علي نجاد وسجن شقيقها، ومحاولات تشويهها عبر حملات كاذبة داخل إيران وخارجها، لإسكات صوت المعارضة ضد النظام.
وأشار المدعون إلى أنه عندما لم تنجح أي من هذه الوسائل، لجأت إيران في النهاية إلى الاغتيال، ودفعت نصف مليون دولار للمافيا لتنفيذ عملية القتل.
وقال المدعون إنه إذا كان النظام الإيراني قادرًا على الذهاب إلى هذا الحد لإسكات معارض، فلا شك أنه يمكنه فعل ذلك ضد أي شخص في أميركا.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه قبل ساعات من اعتراف خالد مهدييف، وصف المدعي العام المؤامرة بأنها "مروعة"، متهمًا النظام الإيراني بمحاولة قتل هذه المواطنة الإيرانية-الأميركية على الأراضي الأميركية.
وكتبت "نيويورك تايمز" أن المدعي العام جاكوب غاتو يليغ قال في المحكمة إنه في صيف 2022، بدأت مجموعة من الأفراد الذين كانوا يخططون لقتل معارضة إيرانية مقيمة في نيويورك بتبادل المعلومات.
وشملت هذه المعلومات صورًا لمسيح علي نجاد وزوجها وطفلها ومنزلهم في بروكلين بنيويورك. حتى إن المجموعة جمعت تفاصيل دقيقة عن أنشطتها اليومية، مثل مكان شراء القهوة، ووقت سقي الزهور في الفناء، والأوقات التي كانت تظهر فيها في برنامجها على "صوت أميركا".
ووفقًا للمدعي العام، كان الهدف من هذا الإجراء هو الانتقام من علي نجاد بسبب انتقادها لأحد "المبادئ الأساسية" للنظام الإيراني، وهو الحجاب الإجباري.
وقد تم الكشف عن هذه المؤامرة عندما استجابت الشرطة لتقارير عن نشاط مشبوه، فألقت القبض على رجل من أذربيجان كان يحاول دخول منزل علي نجاد، حيث عثر الضباط في سيارته على بندقية هجومية من نوع "AK-47" .
ووفقًا لادعاء المدعين، فإن رافات أميروف، وبولاد عُمروف، اللذين وُصفا بأنهما عضوان في عصابة روسية تُعرف بـ"لصوص القانون"، أرسلا هذا الشخص لاغتيال علي نجاد.
وقال المدعي العام إن هذين الشخصين "تم استئجارهما من قبل النظام الإيراني لاغتيال مواطنة أميركية على الأراضي الأميركية"، وكان من المفترض أن "يقتلوها في منزلها، في قلب نيويورك، بإطلاق النار عليها".
وذكرت "نيويورك تايمز" أنه بعد تصريحات المدعي العام، زعم محامي أميروف أن موكله كان ضحية مؤامرة، وأن خالد مهدييف، الرجل المسلح الذي تم اعتقاله، حاول إنقاذ نفسه من خلال تقديم أميروف كمخطط رئيسي للمؤامرة.
وأضاف محامي أميروف أنه لا توجد أي ملفات صوتية أو مرئية تُظهر أميروف أثناء تنفيذ الجريمة أو اعترافه بها.
من جانب آخر، استدل محامي عمروف بأن موكله كان لديه اتصالات سطحية مع بعض الأشخاص في إيران، لكن هذا الاتصال كان فقط بهدف خداعهم وسرقة المال من الحكومة الإيرانية. وأكد أن عمروف لم يكن لديه أي نية لإلحاق الأذى بالصحافية مسيح علي نجاد.
تاريخ التهديدات ضد مسيح علي نجاد
وفقًا لوثائق المحكمة، في نفس العام، عرض عملاء النظام الإيراني على عائلة علي نجاد مبالغ مالية لإقناعها بالسفر إلى تركيا، حيث كان مخططًا اختطافها هناك. وبعد فشل هذه الخطة، خططت شبكة من عملاء الاستخبارات الإيرانية، بقيادة علي رضا شاورقي فراهاني، لاختطافها من نيويورك ونقلها إلى إيران.
وفي العام الماضي، حُكم على امرأة إيرانية بالسجن لمدة أربع سنوات، لمشاركتها بشكل لا إرادي في هذا المخطط ودفعت أموالًا لمحقق خاص في الولايات المتحدة دون علمها بالهدف الحقيقي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وجهت وزارة العدل الأميركية اتهامات جديدة ضد ثلاثة أشخاص آخرين متورطين في هذه المؤامرة.
ردود الفعل الأميركية
منذ بداية عام 2023، بدأ المدعون الفيدراليون تحقيقًا ضد أميروف وعمروف. وقال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك، عند الكشف عن لائحة الاتهام: "هذه الاتهامات تُظهر إلى أي مدى ستذهب عناصر النظام الإيراني لإسكات أصوات المنتقدين، حتى بمحاولة اغتيال مواطنة أميركية على الأراضي الأميركية".
وقد وجهت الاتهامات أيضًا إلى عدد من المسؤولين الإيرانيين الآخرين في هذه القضية، بما في ذلك روح الله بازغندي، اللواء في الحرس الثوري، لكنهم ليسوا في حجز السلطات الأميركية.
تعليق مسيح علي نجاد
وأعلنت مسيح علي نجاد، الصحافية والناشطة السياسية، عن انعقاد جلسة علنية لمحاكمة ثلاثة متهمين في قضية مؤامرة اغتيالها في نيويورك والتي بدأت يوم الاثنين 10 مارس (آذار).
وقالت نجاد، في رسالة فيديو نشرتها على صفحتها في "إنستغرام" يوم الأحد 9 مارس: "غدًا سيتم عقد جلسة علنية لمحاكمة ثلاثة رجال استأجرهم نظام إيران لقتلي... هذه المحاكمة ليست فقط لثلاثة مجرمين، بل هي محاكمة إذلال علي خامنئي والحرس الثوري الإرهابي".
وأضافت: "ارفعوا أصواتكم لتعلنوا أن هذا النظام لا يسعى فقط لقتل الأبرياء في إيران، بل يفعل ذلك أيضًا في قلب أميركا وأوروبا، وهنا في محكمة فيدرالية في مانهاتن، ستُكشف الحقيقة للعالم".
وذكرت الناشطة الحقوقية أنها ستكون شاهدة في المحاكمة، ولذلك لن تكون قادرة على تزويد وسائل الإعلام بتفاصيل المحاكمة.
ووجهت كلمة إلى الشعب الإيراني قائلة: "خلال هذه الفترة، يمكنكم أنتم القيام بدور الشهادة العامة عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي ضد نظام يستخدم القتل والإرهاب للبقاء في السلطة منذ سنوات".
ووفقًا لقول علي نجاد، ستستمر جلسات المحاكمة لمدة أسبوعين.
يذكر أن هذه هي أول مرة يتم فيها محاكمة أشخاص متهمين بتنفيذ عمليات إرهابية مرتبطة بالنظام الإيراني علنًا على الأراضي الأميركية.