يحاول بعض السياسيين والإعلاميين في إيران، تخفيف حدة الموقف، فيما يتعلق بالمفاوضات مع الولايات المتحدة، بعد رفض المرشد علي خامنئي إجراء أي محادثات؛ حيث يتم تصوير هذا الموقف على أنه دعوة للرئيس الأميركي دونالد ترامب لتغيير نبرته العلنية.
وفي الوقت نفسه، حافظ عدد من السياسيين والمحللين على موقف موحد، بينما بقي آخرون، بمن في ذلك الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في حالة إنكار بشأن المحادثات، مصرين على أنهم قادرون على معالجة مشاكل إيران، دون الحاجة إلى رفع العقوبات.
وللمرة الثانية في أقل من أسبوع، أشارت صحيفة "جمهوري إسلامي"- وهي صحيفة يومية مرتبطة بمكتب خامنئي، ولكنها غالبًا ما تنتقد السياسات المتشددة- إلى أن المفاوضات بين طهران وواشنطن لا تزال ممكنة، إذا خفف ترامب نبرته تجاه إيران.
واتهمت الصحيفة، في مقال نشرته يوم السبت 15 فبراير (شباط)، ترامب بـ "السذاجة"، قائلة: "كان ينبغي أن تظهر له الردود، التي تلقاها من المسؤولين الإيرانيين، أن الخطاب المتعجرف لا يجدي نفعًا مع إيران"، كما خاطبت ترامب مباشرة، مؤكدة: "إيران ليست ضد المفاوضات.. بل ضد الابتزاز".
ومن جهته، قال وزير العدل الإيراني الأسبق والمسؤول الأمني، مصطفى بورمحمدي، لموقع "انتخاب" الإخباري: "لم يمنع خامنئي أبدًا إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة". وهو ما يتناقض بشكل واضح وحاد مع أحدث تصريحات خامنئي.
وأضاف بورمحمدي: "لم يغلق خامنئي الباب أمام المفاوضات أبدًا. على العكس من ذلك، فإن المسؤولين الأميركيين هم الذين يريدون تصوير إيران على أنها غير راغبة في التفاوض. في الواقع، نحن دولة عقلانية ذات أساس قوي وشعب متعلم مستعد دائمًا للحوار مع العالم".
وفي جزء آخر من المقابلة، بدا أن بورمحمدي يناقض مع نفسه، حينما قال: "لن نتفاوض أبدًا مع أفراد متعجرفين يصفعوننا أولًا ثم يقولون: دعونا نتبادل القبلات ونتحدث".
وقد ترددت تصريحاته بشكل كبير، في خطاب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في 10 فبراير الجاري، بمناسبة ذكرى ثورة 1979؛ حيث رفض التفاوض مع ترامب ووصف سلوكه بأنه "غير رجولي".
ونقل موقع "نامه نيوز" المحافظ عن المحلل المتشدد، فؤاد إيزدي، الذي غالبًا ما يقدمه التلفزيون الحكومي الإيراني كخبير في السياسة الأميركية، قوله: "سيقوم ترامب بمهاجمة إيران، إذا اعتقد أن التكلفة ستكون منخفضة أو مقبولة. ومع ذلك، إذا رأى أن مثل هذا الهجوم سيأتي بتكلفة عالية، فلن يقدم عليه أبدًا".
ووصف الموقع الإخباري الإيراني طهران وواشنطن بأنهما عند نقطة تحول تاريخية في علاقاتهما.. مشيرًا إلى أن بزشكيان كان يأمل في مفاوضات مع ترامب، في ظل الشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية عام 2018. ومع ذلك، فإن الموقف الأخير لترامب- الذي يشير إلى أن إيران يمكنها تجنب الغارات الجوية الإسرائيلية إذا وافقت على التفاوض- ترك طهران في حالة من عدم اليقين.
ونقلت وكالة أنباء العمل الإيرانية "إيلنا" عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان، قوله: "إن إيران لا تعارض أيديولوجيًا التفاوض مع الولايات المتحدة". ومع ذلك، أكد أن "طهران ترفض التفاعل مع واشنطن بسبب (سلوكها المتعجرف) قبل وأثناء مفاوضات عام 2015 النووية، وكذلك بسبب فشلها في الوفاء بالالتزامات بعد التوصل إلى الاتفاق".
وفي الوقت نفسه، دعا بعض السياسيين والمحللين الإيرانيين، بمن في ذلك المحلل السياسي المحافظ ناصر إيماني، إلى تعزيز العلاقات مع الصين وروسيا، بدلاً من التفاوض مع الولايات المتحدة. ونقل موقع "رويداد 24" عن إيماني قوله: "ليست هناك فائدة من عقد صفقة مع أميركا. علينا أن نتحول نحو الصين وروسيا".
وفي السياق نفسه، تناول عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أحمد بخشايش أردستاني، مخاوف الولايات المتحدة من احتمال سعي إيران لتسلح نووي. وفي تصريح بدا كأنه يدعم تطوير أسلحة نووية، قال: "سواء كان لدينا قنبلة أم لا، فإن العقوبات الأميركية ستستمر".
ومع ذلك، وبتصريحات تشبه تلك التي أدلى بها السياسيون والإعلاميون المعتدلون، أضاف أردستاني: "سنفاوض أميركا إذا تبنت إدارة ترامب نغمة وخطابًا أكثر ليونة".