فرضت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي عقوبات جديدة على شبكة دولية تُتهم بتهريب النفط الإيراني إلى الصين، وهي أولى الإجراءات الجديدة في إطار سياسة ما يُعرف بـ"الضغط الأقصى" التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد إيران.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن هذه الشبكة قامت بنقل ملايين البراميل من النفط الخام الإيراني، مما وفر مئات الملايين من الدولارات لتمويل القوات المسلحة الإيرانية وحلفاء طهران في المنطقة.

من المستهدف بهذه العقوبات؟

تركز العقوبات بشكل رئيسي على شركة "سبهر إنرجي"، وهي شركة واجهة يُزعم أنها تمول هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، وفقًا لوزارة الخزانة الأميركية.

كما تم إدراج أسطول سري من ناقلات النفط وشركات إدارة النقل المتورطة في تهريب النفط الإيراني على القائمة السوداء.

وتم تأسيس شركة "سبهر إنرجي" عام 2010، وترتبط بشخصيات رئيسية في قطاع البتروكيماويات الإيراني، مع استثمارات في مصانع الميثانول والأمونيا.

بالإضافة إلى ذلك، تم فرض عقوبات على عدة أفراد وثلاث ناقلات نفط مسجلة تحت أعلام بنما وهونغ كونغ.

لماذا الآن؟

قال الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية إنه سيعيد تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران بمجرد توليه المنصب.

والسبب الرئيسي، كما أكدت الإدارة الأميركية، هو المخاوف من أن تكون طهران أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك سلاح نووي.

وقال متحدث باسم وزارة الخزانة: "سنستخدم جميع الأدوات المتاحة لمحاسبة إيران على أنشطتها المزعزعة للاستقرار وسعيها لامتلاك أسلحة نووية".

ويتم تنفيذ العقوبات من قبل وزارات الخزانة والخارجية والعدل. وتؤكد إدارة ترامب أن هذه الخطوات ضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي وأمن حلفائها.

ما الهدف من هذه العقوبات؟

تم تصميم العقوبات حول عدة إجراءات منسقة تنفذها وكالات أميركية متعددة:

1- خفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر:

تهدف الولايات المتحدة إلى الضغط على المشترين الرئيسيين للنفط الإيراني، وخاصة الصين، لوقف شراء النفط الخام الإيراني، مما يؤثر على احتياطيات العملة الأجنبية لطهران. وقد تكون هناك أيضًا محاولات، بمساعدة حلفاء الولايات المتحدة، لاعتراض ومصادرة شحنات النفط الإيراني على الطرق الدولية.

2- إلغاء الإعفاءات الاقتصادية:

الإعفاءات الممنوحة سابقًا، مثل تلك المتعلقة بمشاريع تطوير ميناء تشابهار، تخضع حاليًا للمراجعة ومن المرجح إلغاؤها.

3- استهداف الشبكات المالية للحرس الثوري:

ستستهدف الولايات المتحدة الحسابات والشركات الوهمية وقنوات التمويل المرتبطة بالحرس الثوري .

4- مصادرة الأصول الإيرانية:

سيتم مصادرة أصول الحكومة الإيرانية داخل الولايات المتحدة وخارجها، والتي تعتبرها واشنطن متورطة في تمويل الإرهاب أو التحايل على العقوبات.

5- تقييد تصدير التكنولوجيا والأسلحة:

ستواجه السلع ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري) ضوابط أكثر صرامة.

ماذا أيضًا؟

ستقوم وزارة العدل الأميركية بمقاضاة الأفراد المتورطين في أعمال التجسس والتهديدات الإلكترونية وتمويل الإرهاب نيابة عن إيران.

وستقود وزارة الخارجية حملة دولية للحد من نفوذ إيران في المنظمات العالمية، والضغط على حلفائها، وتقييد سفر المسؤولين الإيرانيين.

ما هي الآثار المترتبة على إيران؟

قد تؤدي هذه العقوبات إلى خفض كبير في عائدات إيران النفطية، واستنزاف احتياطاتها من العملة الأجنبية، وزيادة التضخم وانخفاض قيمة الريال الإيراني.

كما أن مصادرة شحنات النفط قد تعطل قنوات التصدير غير الرسمية لإيران.

ومع زيادة الضغوط، قد تقلل طهران من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو تعزز علاقاتها مع دول مثل الصين وروسيا.

وبالنظر إلى النفوذ الإقليمي لإيران، قد تزيد العقوبات من التوترات في المنطقة الخليجية والبحر الأحمر وعلى طول حدود سوريا ولبنان.

وقد ترد طهران عن طريق زيادة تخصيب اليورانيوم أو تعزيز قدرات حلفائها الإقليميين.

ما هي التحديات في تنفيذ العقوبات؟

رغم نطاق العقوبات الواسع، إلا أن تنفيذها يواجه عقبات. فقد تواصل الصين شراء النفط الإيراني، بينما قد تساعد الخبرة الواسعة لإيران في استخدام الشبكات المالية غير الرسمية في الحفاظ على بعض مبيعات النفط عبر وسطاء.

كما أن الضغوط الاقتصادية قد تدفع طهران إلى اتخاذ إجراءات مضادة، سواء على المستوى الإقليمي أو عبر برنامجها النووي.

ويهدف عودة ترامب إلى استراتيجية "الضغط الأقصى" إلى الحد من النفوذ الإيراني، لكن نجاحها يعتمد على مدى جدية الإدارة في تنفيذ الإجراءات ومدى تعاون اللاعبين الدوليين الكبار الآخرين.

مزيد من الأخبار