سيكون التأثير الاقتصادي لسياسة "الضغط الأقصى"، التي وقّع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا بإعادة تفعيلها ضد إيران، هذا الأسبوع، كبيرًا؛ حيث أعلن ترامب أن هدفه هو تخفيض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.

وكان ترامب قد أصدر مرسومًا يعيد فرض سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، يوم الثلاثاء الماضي، وهي السياسة التي تبناها، منذ ولايته الأولى، محذرًا من "عواقب كارثية"، إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.

ويعد الهدف، الذي أعلنه ترامب، بالقضاء على صادرات النفط الإيرانية أمرًا مقلقًا بشكل خاص لطهران؛ حيث إنه سيؤدي إلى القضاء على ما يقرب من نصف إيرادات الحكومة الإيرانية، التي تمر بأزمة اقتصادية مستمرة منذ سبع سنوات.

وفي أول خطوة لتفعيل هذه السياسة، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، يوم الخميس، 6 فبراير (شباط) الجاري، عقوبات على شبكة دولية، زاعمة أنها سهّلت شحن النفط الإيراني إلى الصين.

وفي خطوة منسقة، أعلنت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان، فرض عقوبات تستهدف الشبكات المتورطة في شحن النفط الإيراني إلى الصين، وتشمل الإجراءات عدة دول، بما فيها الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، وتستهدف عدة سفن مرتبطة بصادرات النفط الإيرانية.

وبينما سيكون تأثير هذا التوجيه، إذا تم تنفيذه بالكامل، كبيرًا على صادرات النفط الإيرانية، فإن هناك شكوكًا حول ما إذا كان سيتم تقليصها إلى الصفر أو إلى المستويات، التي كانت عليها في عام 2020، وهو العام الأخير من ولاية ترامب السابقة. ففي عام 2017، قبل فرض العقوبات الأميركية، كانت إيران تصدّر 2.5 مليون برميل يوميًا، ولكن بحلول عام 2020، انخفض هذا الرقم إلى نحو 350 ألف برميل يوميًا.

ومع تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة في عام 2021، ارتفعت صادرات النفط الإيرانية، وبلغت ذروتها في صيف 2024 بنحو 1.9 مليون برميل يوميًا. وبعد أن فرضت إدارة بايدن عقوبات على العشرات من السفن المتورطة في تهريب النفط الإيراني، انخفضت الصادرات بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في الربع الأخير من العام نفسه.

ومع ذلك، ارتفعت صادرات النفط الإيرانية، مرة أخرى، إلى 1.6 مليون برميل يوميًا، في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأفادت شركة تتبع السفن "تانكر تراكيرز"، لـ"إيران إنترناشيونال"، بأن التقلبات الأخيرة في صادرات النفط الإيرانية تعتبر أمرًا طبيعيًا، مشيرة إلى أن مثل هذه التغيرات شائعة. وقالت الشركة: "شهدنا انخفاضًا مماثلاً في الأشهر الأخيرة من ولاية بايدن، تلاه تعافٍ. لا يوجد شيء غير عادي في هذا الأمر. المتوسط لصادرات النفط الخام في العام الماضي هو 1.572 مليون برميل يوميًا، وفي يناير الماضي كان 1.567 مليون برميل يوميًا. لذلك، من المبكر جدًا استخلاص الاستنتاجات".

وفيما يتعلق بالتحديات اللوجستية لإيران، أوضحت "تانكر تراكيرز": "هناك سياسات، وهناك لوجستيات. نحن غير مقتنعين بعد بأن صادرات النفط الإيرانية ستنخفض إلى المستويات، التي كانت عليها في مايو (أيار) 2019 (439 ألف برميل يوميًا)، وذلك لأن هناك أسطولاً مظلمًا عالميًا متاحًا الآن، وهو ما لم يكن متوفرًا آنذاك".

وأشارت منظمة "التحالف ضد إيران النووية" (UANI)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، بالتعاون مع شركات تتبع السفن، إلى أنها حددت ما يقرب من 400 سفينة متورطة في تهريب النفط الإيراني، والمعروفة جميعها باسم "الأسطول المظلم". ومع ذلك، تم فرض عقوبات على أقل من نصف هذه السفن.

وتحاول هذه السفن تهريب النفط الإيراني بشكل سري عبر إيقاف تشغيل أنظمتها للتحديد التلقائي.

وحاليًا، تعتبر الصين "الزبون الوحيد" للنفط الإيراني عمليًا. ومع ذلك، لا تشتري الصين النفط مباشرة من إيران؛ فبدلاً من ذلك، يتم بيع النفط الإيراني من خلال وسطاء وتغيير مستندات الملكية؛ حيث تُعاد تسمية النفط على أنه من العراق، أو الإمارات العربية المتحدة، أو عمان، وماليزيا، على وجه خاص، قبل أن يُباع إلى مصافي النفط المستقلة الصغيرة في الصين.

وأوضحت "تانكر تراكيرز" أن الصين قد أعلنت بالفعل مرارًا أن استيراد النفط مسألة أمن قومي، بغض النظر عن المصدر.

ومن جانبه، أكد مركز الاستشارات الطاقية "وود ماكنزي"، لـ"إيران إنترناشيونال" أن الانخفاض الأخير في صادرات النفط الخام الإيراني يرجع إلى مزيج من العقوبات المشددة على السفن، التي فرضها الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وقرار ميناء شاندونغ في الصين بعدم السماح للسفن الخاضعة للعقوبات بتفريغ شحناتها للعملاء من المصافي المستقلة.

وأضاف "وود ماكنزي" أنه بالنظر إلى العقوبات الأميركية الأخيرة على الصين والرسوم الانتقامية التي فرضتها بكين، فإننا لا نتوقع أن تلتزم الصين بسياسة "الضغط الأقصى" على إيران.

وقال المحلل الأول للسلع، هوميون فلكشاهي، لـ"إيران إنترناشيونال": "إن صادرات النفط الإيرانية اليومية كانت 1.66 مليون برميل يوميًا في الشهر الماضي. ومع ذلك، توقع أن تتراجع الصادرات إلى نحو 500 ألف برميل يوميًا في الأشهر المقبلة، بسبب إعادة تفعيل سياسة الضغط الأقصى". وأضاف أن مدى هذا الانخفاض يعتمد على تعاون بكين مع العقوبات الأميركية.

وتبلغ قيمة التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة 750 مليار دولار، في مجال السلع والخدمات، ويميل الميزان التجاري بين البلدين بشدة لصالح بكين. ومع ذلك، أمر ترامب مؤخرًا بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، مما دفع بكين للتهديد بالانتقام.

وعلى الرغم من أن الصين أعلنت مرارًا أنها لا تعترف بالعقوبات الأميركية أحادية الجانب ضد إيران، فإن قيامها مؤخرًا بفرض حظر على السفن الخاضعة للعقوبات، ومنعها من الرسو في موانئها، يشير إلى أنها تأخذ بعض العقوبات الأميركية على محمل الجد.

وتشير بيانات الجمارك الإيرانية إلى أن إيران تصدر إلى الصين ما قيمته نحو12.3 مليار دولار من السلع، بينما تستورد منها 14.4 مليار دولار، في أول عشرة أشهر من السنة الإيرانية الحالية (بدأت في 21 مارس/آذار 2024).

مزيد من الأخبار