نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا حول أزمة نقص المياه في إيران، مشيرة إلى أن النظام الإيراني يُعرف بشكل أساسي كمصدر للإرهاب والفوضى في الشرق الأوسط، لكن إجراءات قادته تشكّل أيضًا مثالاً بارزًا لما لا ينبغي فعله في إدارة الاقتصاد.
وأضافت الصحيفة الأميركية: "لو كانت التجارة الدولية تجعل الدول أسوأ حالًا، وكانت السياسة الصناعية تحسّن أوضاعها، لكان يجب أن تكون إيران حتى اليوم واحدة من أغنى دول العالم".
وأشارت إلى سياسات إيران الصناعية على مدى عقود، وأهمية "الاكتفاء الذاتي" و"إنتاج جميع المواد الغذائية محليًا" في إيران، موضحًا أن "المشكلة هي أن المياه هي أساس الزراعة، وإيران على وشك نفادها".
وتابعت أن إيران التي يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة، تتمتع بمناخ جاف ولا تمتلك ميزة نسبية كبيرة في الزراعة على نطاق واسع. حاولت الحكومة تعويض ذلك عبر تقديم دعم للأسمدة، وشراء المنتجات الزراعية، وتقديم قروض بشروط ميسرة للمزارعين.
وأوضحت "واشنطن بوست" أنه بعد الثورة الإيرانية عام 1979، تضاعفت الأراضي المزروعة تقريبًا، وخلقت هذه السياسات ملايين الوظائف الزراعية، كما أنتجت المزارع منتجات لم يكن بالإمكان إنتاجها بدون دعم الحكومة.
ومع ذلك، كان منتقدو التخطيط المركزي قد تنبأوا منذ وقت طويل بأن نتيجة هذه السياسات ستكون نقص المياه. وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة "مهر" في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) أن إنتاج القمح انخفض بأكثر من 30 في المائة بسبب الجفاف في العام الماضي.
وقبل ذلك، كتبت صفحة وزارة الخارجية الأميركية، باللغة الفارسية على شبكة "إكس"، في 20 نوفمبر الماضي، منتقدة سياسات النظام الإيراني في إدارة الموارد المائية، أن أزمة المياه الحالية في إيران "ليست مجرد نتيجة للجفاف"، بل هي ثمرة "عقود من سوء الإدارة والسياسات الفاشلة".
وأضاف منشور الخارجية الأميركية أن المسؤولين الإيرانيين تجاهلوا تحذيرات الخبراء لعقود، وأخروا "الإصلاحات الفورية اللازمة لضمان الاستدامة"، والآن تُعطل سياسات مثل "تقنين المياه" حياة ملايين الأشخاص.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن هذه الأزمة "لم تكن حتمية"، وأنها النتيجة المباشرة "لنظام ضحّى بالموارد الطبيعية والنظم البيئية في إيران لمصالحه السياسية"، والآن يدفع الشعب الإيراني ثمنها.
وأشار التقرير إلى أن الأنظمة الأيديولوجية، مثل النظام الإيراني والاتحاد السوفيتي السابق أثرت سلبًا على الزراعة، حيث كان المزارعون في اقتصاد السوق يستخدمون طرقًا أكثر كفاءة لتقليل استهلاك المياه أو يزرعون منتجات متنوعة حسب الموارد المتاحة.
وأضافت الصحيفة أن التجارة الحرة كانت تسمح للمزارعين بتعويض الفجوات الإنتاجية عبر شراء المنتجات من دول أكثر ملاءمة للزراعة. لكن في إيران والاتحاد السوفيتي السابق، كان يجب أن تتم الزراعة بغض النظر عن الظروف الأخرى، وكان السياسيون يبررون ذلك بأنه لصالح الأمن القومي.
وكتبت الصحيفة أن النتيجة كانت متوقعة: حاليًا في إيران، مستويات المياه خلف السدود المحيطة بطهران منخفضة بشكل خطر، ويُطبّق تقنين المياه.
وليست طهران وحدها من يعاني نقص المياه؛ فقد ذكر بعض المسؤولين الإيرانيين احتمال تقنين المياه في مدن أخرى، مثل مشهد وأصفهان.
وأشار التقرير أيضًا إلى تصريحات الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، الذي تحدث عن إمكانية نقل العاصمة.
وأوضحت "واشنطن بوست" أن مؤيدي السياسات الصناعية يميلون، عند الدفاع عن تدخل الدولة في الاقتصاد، إلى الإشارة لبعض الأمثلة الناجحة، غالبًا في شرق آسيا، لكنها حالات استثنائية. وأضافت أن السياسات الصناعية في اليابان والصين إما تفشل أو تنجح بتكلفة باهظة، وفي هذه الحالة يكون الضرر أكبر من الفائدة.

