لا تزال معركة المعارضين والمؤيدين للمفاوضات مستمرة في إيران؛ حيث يعارضها التيار المتشدد، محاولاً إقحام المرشد، من خلال استحضار تصريحات قديمة له أو تفسير بعض ما صرح به مؤخرًا حول التحذير من الغرب، ويعتبر معارضو المفاوضات ذلك رفضًا للموضوع برمته.
وفي المقابل تؤكد الصحف ووسائل الإعلام المؤيدة لفكرة المفاوضات أن خامنئي لم يصرح في الأيام والأسابيع الأخيرة بما يوحي برفضه لهذا الموضوع، وأن صمته دليل على رغبته في المفاوضات مع أميركا، خصوصًا بعد النكسات، التي تعرضت لها إيران على الصعيد الإقليمي.
وفي هذا السياق أجرت صحيفة "إيران" الصادرة عن الحكومة مقابلة مع المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، الذي أكد للصحيفة إن "إيران ستتفاوض مع أميركا، بشرط أن تكون واشنطن جادة في الموضوع".
وأبرزت الصحيفة من حديث بقائي قوله: "سنتفاوض"، وكتبته بخط عريض، وهو يبدو ردًا على محاولات التيار الأصولي والمعارض للحكومة، والذي يحاول باستمرار رفض أي فكرة حول المفاوضات.
ودعت صحيفة "سازندكي" الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إلى إظهار إرادة جادة للدخول في مفاوضات مع الغرب، بعد أخذ الإذن من خامنئي "لخفض التوتر وتبديل التحديات إلى فرص"، فيما أشارت صحيفة "اعتماد" إلى حجم العقوبات المفروضة على طهران بسبب توتر العلاقة مع أميركا، وعنونت بالقول: "1200 مليار دولار حجم خسائر العقوبات المفروضة على إيران".
أما صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد، علي خامنئي، وهي رافضة لفكرة المفاوضات، فقد عنونت بالقول: "ليخجل دعاة المفاوضات.. مرشح منظمة الاستخبارات الأميركية: قتل سليماني كان إجراءً جيدًا".
وأشارت صحيفة "شرق" إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى الدوحة، وعنونت بالقول: "بدء المفاوضات مع ترامب من الدوحة؟".
ومن الملفات الأخرى، التي حظيت باهتمام الصحف الصادرة يوم السبت 1 فبراير (شباط)، هو الهجمات المتتالية على وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، والذي يشغل حاليًا منصب مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، وذلك بسبب مواقفه تجاه موضوع المفاوضات وانتقاده للمتشددين في إيران.
كما اهتمت بعض الصحف بإعلان حركة حماس مقتل مجموعة من قادتها العسكريين في القطاع، خلال حرب غزة الأخيرة، وعلى رأسهم قائد هيئة الأركان في الحركة، محمد الضيف.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"آرمان امروز": تقييم الثورة الإيرانية في ذكراها السنوية الـ46
تطرقت صحيفة "آرمان امروز" في تقرير لها بعنوان: "46 عامًا بعد الثورة.. المكاسب والتحديات" إلى تقييم "الثورة الإسلامية"، التي شهدتها إيران عام 1979، وتركت تغييرًا كبيرًا في نهج طهران على المستويين الداخلي والخارجي؛ حيث تحول الأصدقاء إلى أعداء، والأعداء إلى أصدقاء وحلفاء، في حدث تاريخي شهدته منطقة الشرق الأوسط نهاية السبعينيات من القرن المنصرم.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها، أن الثورة الإيرانية حققت بعض المكاسب، مثل الاستقلالية في القرار عن الأطراف الخارجية، لكنها مع ذلك تركت العديد من التحديات، التي لا تزال ترزح إيران تحتها، ولم تستطع أن تتغلب عليها، رغم أن الثورة قامت في جزء منها لتحقيقها.
ومن هذه الملفات، التي لم تنجح فيها الثورة الإيرانية، ملف حقوق الإنسان والحريات الفردية، وكتبت الصحيفة في هذا السياق: "على الرغم من أن الثورة سعت لتحقيق نظام إسلامي يقوم على أساس رأي الشعب، فإن هناك قيودًا لا تزال موجودة في ملف حقوق الإنسان والحريات الفردية".
وذكر الخبير السياسي، حسن هاني زاده، في مقابلة مع الصحيفة، أن النظام الإيراني يواجه مشكلات حقيقية على الصعيد الاقتصادي؛ فالإيرانيون يعانون الأزمات الاقتصادية وسوء الإدارة الداخلية المستمرة منذ سنوات، كما أن البلاد تعاني مشكلات على الصعيد الثقافي، وهناك حاجة ملحة للإصلاح وتحسين الوضع في هذه المجالات المختلفة.
"ستاره صبح": المفاوضات في "قعر جهنم"
قال مدير تحرير صحيفة "ستاره صبح"، علي صالح آبادي، إنه على الرغم من معارضة بعض الأطراف في إيران إعلاميًا لفكرة المفاوضات، فإن الحقيقة هي أن طهران ستتفاوض مع أميركا، مهما كانت الظروف.. مشيرًا إلى تصريحات السياسي الأصولي، محمد جواد لاريجاني، الذي قال إن "إيران ستتفاوض مع الشيطان في قعر جهنم".. لافتًا إلى أن هؤلاء بعد عقود من وصف أميركا بالشيطان أدركوا أنه يجب الدخول في مفاوضات مع هذا "الشيطان".
وأوضح الكاتب أن مشكلة هؤلاء المتشددين هي أنهم لم يدركوا بعد أن هناك نظامًا عالميًا وإقليميًا جديدًا بدأ يتشكل، وهو نظام يختلف مع إيران ونظامها.
وذكر الكاتب أن ظروف وتطورات المنطقة تفرض على صُنّاع القرار في إيران أن يركزوا على الداخل الإيراني، بدل الانشغال بأحداث المنطقة؛ أي إيران أولاً ثم الدول الأخرى.. مضيفًا: "يجب أن ندرك أننا تورطنا مع طرف خطير. المفاوضات والمصالحة هي التي يمكن لها أن تبدل الجحيم إلى جنة" حسب تعبير الكاتب.
"سازندکی": أهداف مشتركة بين إيران وواشنطن في عهد ترامب
ذكر السياسي الإصلاحي البارز ورئيس حزب كوادر البناء، حسين مرعشي، في مقاله الافتتاحي بصحيفة "سازندكي"، أن إيران والولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من الخلافات والصراع بينهما فإنهما استطاعا خلال بعض المراحل الزمنية إيجاد تفاهم ضمني وأهداف مشتركة، عملا عليها بشكل غير مباشر.. مشيرًا إلى تجربة إسقاط حكم طالبان في أفغانستان وإسقاط نظام البعث العراقي في العراق، بعد الغزو الأميركي عام 2003؛ حيث ساعد هذا التطور في إيجاد حكومات في هذين البلدين كانتا أكثر تحقيقًا لمصالح إيران ومنفعتها، حسب ما ذكر الكاتب.
ورأى الكاتب أن هناك أهدافًا مشتركة يمكن لطهران وواشنطن التفاهم عليها، في الوقت الحالي؛ فمن جانب نجد أن إيران تريد التخلص من أزمة العقوبات المفروضة عليها، ومن جانب آخر نجد الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة ترامب، تسعى لاستغلال كل الفرص والإمكانات لتحسين وضع أميركا الاقتصادي في العالم.. موضحًا أن إيران هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط، الذي لم يتم استغلال جميع إمكاناته وفرصه الاقتصادية، ما يعني أنه موقع مناسب لأميركا لاستخدامه في سبيل تحسين موقعها ومكانتها الاقتصادية، كما يردد ذلك ترامب بشكل مستمر.
ونوه مرعشي إلى أن الاقتصاد الإيراني لديه فرص استثمار تُقدر بـ 2500 مليار دولار في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية، وبإمكان طهران أن تحول هذه الإمكانات المغرية إلى أدوات سياسية لإقناع الولايات المتحدة الأميركية باستثمارها.
وشدد الكاتب على أن إيران بإمكانها البدء أولاً بالجانب الاقتصادي من العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، ثم بعد سنوات من بناء علاقة اقتصادية جيدة يمكن تطوير وتحسين علاقتها مع أميركا.