يواجه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان، هجمات من المتشددين، منذ انتخابه، والآن يحذر حلفاؤه الإصلاحيون من أنه قد يفقد المزيد من الدعم العام، إذا فشل في تخفيف المعاناة الناتجة عن العقوبات الأميركية.
وقد دعت شخصيات إصلاحية، بمن فيهم المحللان السياسيان عباس عبدي، وأحمد زيد آبادي، بشكل متكرر، دعت بزشكیان إلى بدء مفاوضات مع الولايات المتحدة؛ لتخفيف أو رفع العقوبات. وقد ازدادت الدعوات إلى انتهاج الدبلوماسية في وسائل الإعلام الإيرانية، بعد أن صرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأنه مستعد للقاء نظيره الإيراني.
ومع ذلك، قد يتغير هذا بعد خطاب خامنئي، الذي ألقاه يوم الجمعة 7 فبراير (شباط)؛ حيث رفض المحادثات مع واشنطن، بشكل قاطع، وحذر من أن إيران سترد على أي تهديدات بالمثل.
وقد أشارت التغطية الإعلامية المحدودة في إيران إلى تغير في المشهد. ومع ذلك، لا تزال التحذيرات الموجهة إلى بزشكیان قائمة.
وحذر المحلل السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، عبر مقال له مؤخرًا بصحيفة "اعتماد" الإيرانية، من أن بزشكیان يواجه خطر فقدان ثقة الجمهور، إذا فشل في الوفاء بوعوده، مستشهدًا بعدم الوفاء بوعده برفع القيود على الإنترنت، قائلاً: "قريباً، لن يحتاج الإيرانيون بعد الآن إلى برامج كسر الحجب، بفضل مساعدة إيلون ماسك".
كما أشار إلى أن "الثقة العامة في إدارة بزشكیان كانت منخفضة منذ البداية؛ حيث كان الكثيرون يعتقدون أن التغيير الجاد غير ممكن في ظل الهيكل السياسي الحالي". وهذا الهيكل المقصود به أن خامنئي، باعتباره صاحب القرار النهائي في إيران، يعارض الانفتاح على الغرب، والتخلي عن طموحات إيران النووية.
ودعا عبدي أيضًا إلى أن يكون بزشكیان "صريحًا مع الشعب، لأن الصدق هو العلاج الوحيد لانعدام الثقة".
وكان المحلل الإيراني، أحمد زيد آبادي، قد انتقد، في وقت سابق، عدم تحرك بزشكیان، عندما بدا أن خامنئي أشار إلى الموافقة على المحادثات مع واشنطن. وتساءل زيد آبادي: "ماذا تنتظرون؟ لماذا لا تلتقطون الهاتف وتتكلمون مع ترامب؟".
ولم يكن زيد آبادي وحيدًا؛ حيث دعا العديد من السياسيين المعتدلين والمؤيدين للإصلاح في إيران بزشكیان إلى اتخاذ المبادرة والاتصال بترامب.
ومع موقف خامنئي الصارم ضد المفاوضات، من غير المحتمل أن تستمر الدعوات للتقارب مع واشنطن، على الأقل في الوقت الحالي. ومع ذلك، بما أن خامنئي لا يمكن انتقاده علنًا، فمن المحتمل أن يعود الإعلام والسياسيون في إيران إلى إلقاء اللوم على إدارة بزشكیان؛ بسبب التقاعس وعدم الكفاءة في تحسين حياة الشعب.
وفي خطابه يوم الجمعة، 7 فبراير الجاري، كلف خامنئي بزشكیان بمهمة إصلاح الاقتصاد الإيراني، متجاهلاً أن أي تحسن اقتصادي يبقى بعيد المنال دون حل كبرى القضايا السياسية الخارجية لإيران مع الولايات المتحدة. وهذه الحقيقة كانت واضحة منذ عام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي بسبب رفض طهران معالجة المخاوف الأميركية بشأن أنشطتها الإقليمية.
ويبقى التحدي، الذي يواجهه بزشكیان، هو أنه لا يمكنه الاعتراف علنًا للإيرانيين بأن قدرته على إصلاح الاقتصاد محدودة بشكل كبير، أو أن يشير إلى موقف خامنئي الصارم كسبب رئيس للمعاناة، التي يعيشها الشعب.
ووفقًا لصحيفة "اعتماد"، فقد "انخفضت الثقة العامة في بزشكیان بشكل كبير منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وتأثرت شعبيته بسبب فشله في الوفاء بوعوده". وحذر عبدي من أنه "إذا لم يتمكن بزشكیان من تحقيق تقدم ملموس بحلول السنة الإيرانية الجديدة، في أواخر مارس (آذار) المقبل، فلن يكون لديه وقت لاستعادة ما فقده".
ويجادل عبدي وعدد من المعلقين الآخرين بأن بزشكیان قد رفع التوقعات العامة برفع العقوبات وتحسين الاقتصاد، مما يجعل هذا التحدي الأكبر له، إلى جانب النقص المستمر في الطاقة. وذكرت صحيفة "اعتماد" أن "استطلاعًا للرأي أُجرى في سبتمبر الماضي أظهر أن 59 في المائة من الإيرانيين يعتبرون رفع العقوبات أولويتهم القصوى".
ونظرًا لأنه من غير المحتمل أن تنتقد وسائل الإعلام الإيرانية خطاب خامنئي الصارم، فإن التلفزيون الإيراني الرسمي بدلاً من ذلك قد أشاد به وبتهديداته ضد الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تجد وسائل الإعلام المطبوعة نفسها أمام خيار واحد فقط، وهو انتقاد إدارة بزشكیان مع تجنب أي ذكر لدور خامنئي في الأزمة الاقتصادية.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه وزير الداخلية السابق المتشدد، عبدالرضا رحماني فضلي، للصحافة يوم الجمعة: "إن وضع إيران حاليًا أكثر تعقيدًا بكثير مما كان عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019"، عندما أسفر واحد من أكبر الاحتجاجات في تاريخ البلاد عن مقتل نحو 1500 شخص، وفقًا لبعض التقارير.