إلى أي مدى تقترب إيران من امتلاك أسلحة نووية؟

Saturday, 02/08/2025

تساءلت وكالة "بلومبرغ"، في تقرير لها، عن مدى اقتراب إيران من تصنيع أسلحة نووية، وذلك بعدما زادت طهران في السنوات الأخيرة من إنتاج المواد الانشطارية، ويمكنها إنتاج كمية اليورانيوم المخصب اللازمة لصنع قنبلة في أقل من أسبوع، على الأرجح.

وذكرت "بلومبرغ" أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أعلن نيته التوصل إلى اتفاق مع إيران، بعد أن وصف، في فترة رئاسته الأولى، الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية بأنه "اتفاق سيئ"، وانسحب منه.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018، وعودة العقوبات الاقتصادية القاسية ضد إيران، قلصت طهران الرقابة الدولية على أنشطتها النووية، ورفعت مستوى تخصيب اليورانيوم.

والآن، بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، قال إنه يرغب في العمل على اتفاق جديد يسمح لإيران "بالنمو والازدهار سلميًا"، مع القضاء على احتمالية وصولها إلى أسلحة نووية.

ماذا فعلت إيران لتجميع المواد اللازمة لصنع قنبلة؟

وفقًا للاتفاقية الموقعة عام 2015 بين إيران والأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا، التزمت طهران بعدم تخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 3.7 في المائة لمدة 15 عامًا.

وهذه النسبة هي الحد الأدنى لتركيز نظير "اليورانيوم-235" الانشطاري المطلوب لمحطات الطاقة النووية.

كما التزمت إيران بالحد من مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى 300 كيلوغرام، أو نحو 3 في المائة من الكمية، التي كانت تمتلكها قبل توقيع الاتفاق.

ووفقًا لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة التابعة للأمم المتحدة، كانت إيران تلتزم ببنود الاتفاق، عندما انسحبت الولايات المتحدة منه خلال الفترة الأولى لرئاسة ترامب.

وأضافت "بلومبرغ" أن الحد من جهود إيران لتخصيب اليورانيوم، في ذلك الوقت، كان يعني أن طهران تحتاج إلى 12 شهرًا لإنتاج كمية كافية من المواد الانشطارية لتغذية سلاح نووي.

وبعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات على إيران؛ مما حرمها من المزايا الاقتصادية الموعودة في الاتفاق، بدأت طهران في تعزيز برنامجها النووي.

ولم يعد هذا الأمر إيران إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة فحسب، بل تقدمت لأول مرة إلى مستوى 60 في المائة؛ وهي نسبة تقول الوكالة إنها لا يمكن تمييزها تقنيًا عن الوقود المطلوب للأسلحة.

ووفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن المهندسين الإيرانيين ينتجون في كل ثلاثة أشهر ما يعادل أكثر من قنبلة واحدة من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. ويمكن تخصيب هذه المادة بسرعة إلى مستوى 90 في المائة، وهو المستوى الموجود في معظم الأسلحة النووية، ويحتاج كل رأس نووي من 15 إلى 25 كيلو غرامًا من الوقود النووي.

ومع ذلك، يتعين على إيران أيضًا إتقان عملية تسليح الوقود النووي لتصنيع جهاز قابل للتنفيذ يمكنه إصابة هدف من مسافة بعيدة.

ماذا عن سياسة إدارة ترامب الجديدة تجاه إيران؟

ذكر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في أوائل فبراير (شباط) الجاري، أنه يريد أن تكون إيران "دولة كبيرة وناجحة، ولكن لا يمكنها امتلاك أسلحة نووية". ودعا إلى بدء العمل فورًا على "اتفاقية سلام نووي معتمدة"، على الرغم من أنه لم يقدم تفاصيل إضافية حول ما قد يتضمنه مثل هذا الاتفاق.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن رغبة ترامب في الحوار تتناقض بشكل حاد مع انسحابه من الاتفاق النووي لعام 2015. لكنه لم يتراجع تمامًا عن سياساته السابقة؛ حيث وقّع، قبل يوم واحد فقط من هذا المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، مذكرة لإحياء استراتيجية فترته الأولى بفرض سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.

وأمر رئيس الولايات المتحدة وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين بضمان تنفيذ أكثر صرامة للعقوبات الحالية؛ بهدف خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر.

ووفقًا لتقرير "بلومبرغ"، فإن الولايات المتحدة لم تتمكن أبدًا من وقف شحنات النفط الخام الإيراني تمامًا.

وبحسب بيانات تتبع ناقلات النفط، التي جمعتها الوكالة، فقد انخفضت صادرات النفط الإيراني خلال ولاية ترامب الأولى في البيت الأبيض من أكثر من مليوني برميل يوميًا في معظم عام 2018 إلى نحو 400 ألف برميل يوميًا في المتوسط، خلال عامي 2019 و2020، لكنها عادت إلى ما يقارب 1.6 مليون برميل يوميًا، خلال إدارة الرئيس السابق، جو بايدن؛ بسبب تهرّب إيران من العقوبات.

وإذا تم تنفيذ هذا الاتجاه الآن، فقد تخسر إيران نحو 30 مليار دولار سنويًا من الإيرادات، وفقًا لحسابات مجموعة "الاتحاد ضد إيران النووية"، مما يخلق ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الإيراني المنهك أساسًا.

لماذا يعد التخصيب مهمًا جدًا؟

يعد الحصول على المواد اللازمة لتحقيق الانشطار النووي أصعب مرحلة في عملية تصنيع الطاقة النووية أو القنبلة الذرية.

وتحتاج الدول إلى تطوير بنيتها التحتية الصناعية لإنتاج نظائر "اليورانيوم-235"، التي تشكل أقل من 1 في المائة من خام اليورانيوم، وهي المادة الرئيسة للحفاظ على تفاعل سلسلة الانشطار.

وتُستخدم آلاف أجهزة الطرد المركزي، التي تدور بسرعة تفوق سرعة الصوت، لفصل المواد الانشطارية.

وتراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التغيرات في مخزونات اليورانيوم في جميع أنحاء العالم، حتى على مستوى الغرامات، للتأكد من أن هذه المخزونات لا تُستخدم للأسلحة النووية.

وقد أكدت إيران دائمًا أنها تسعى إلى طاقة نووية سلمية، وليس أسلحة نووية، لكن القوى العالمية تشكك في هذا الادعاء. وقد بنت إيران منشآت تحت الأرض مدعمة بالفولاد في موقعي التخصيب الرئيسين في "فردو" و"نطنز"، مما يجعل استهدافها في هجوم جوي أكثر صعوبة.

ما الذي تحتاجه إيران أيضًا لصنع سلاح نووي؟

بالإضافة إلى المواد الانشطارية، هناك حاجة إلى آلية تفجير وأداة توصيل.

ومن المحتمل أن تكون إيران قد اكتسبت بالفعل المعرفة الفنية لإنتاج جهاز تفجير بسيط، مثل الذي ألقته الولايات المتحدة على "هيروشيما" اليابانية عام 1945.

ولمهاجمة هدف من مسافة بعيدة، تحتاج إيران إلى رأس حربي صغير بما يكفي ليتناسب مع أحد صواريخها الباليستية، ويمكنه النجاة من العودة إلى الغلاف الجوي للأرض. ولم تجرِ طهران اختبارات تثبت أنها تعرف كيفية صنع رأس نووي.

وقد أجرت إيران دراسات حول كيفية تجميع مثل هذا الجهاز حتى عام 2003.

ووفقًا لتقارير استخباراتية أميركية، فمن المحتمل أنها لم تستأنف هذا العمل، لكن التقديرات للوقت، الذي قد تحتاجه إيران لإكمال الأنشطة اللازمة، تتراوح بين أربعة أشهر وعامين.

وأقوى صاروخ باليستي إيراني لديه مدى يصل إلى 5000 كيلو متر، وإذا تم إطلاقه من الأراضي الإيرانية، يمكنه الوصول إلى جميع أنحاء أوروبا.

هل يمكن لإسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية؟

تعتبر إسرائيل منذ فترة طويلة أن إيران المسلحة نوويًا تشكل تهديدًا وجوديًا لها، وقد سعت إلى الحد من طموحات طهران.

وهناك احتمال كبير أن إسرائيل كانت وراء اغتيال ستة علماء نوويين إيرانيين في طهران، والعديد من الهجمات على المواقع النووية داخل إيران.

وقد صرّح مسؤولون إسرائيليون مرارًا بأنه إذا وصلت طهران إلى عتبة القدرة التسليحية، فستشن تل أبيب هجومًا جويًا على البرنامج النووي الإيراني، وقد اختبرت إسرائيل خططًا لمثل هذا الهجوم.

وفي حين نجحت إسرائيل في تدمير مفاعل نووي عراقي قيد الإنشاء عام 1981، وقصفت موقعًا نوويًا سوريًا عام 2007، فإن التحديات المتعلقة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية أكبر بكثير.

وتنتشر المنشآت النووية الإيرانية على نطاق واسع، لدرجة أن مسؤولي الاستخبارات حذروا من أن أي هجوم قد يؤخر فقط البرنامج النووي الإيراني، ولن يقضي على قدرة طهران لتجميع التكنولوجيا اللازمة لصنع سلاح نووي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي هجوم على هذه المنشآت سيكون معقدًا؛ بسبب الحاجة إلى تزويد طائرات إسرائيل المقاتلة المتقدمة بالوقود جوًا أثناء الهجوم والعودة بأمان إلى إسرائيل.

وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد قال إن إيران أغلقت منشآتها النووية مؤقتًا كإجراء أمني بعد أول هجوم صاروخي لها على إسرائيل في إبريل (نيسان) 2024.

وأعرب غروسي عن قلقه دائمًا بشأن احتمال قيام إسرائيل بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، ودعا إلى الامتناع عن هذا الإجراء.

مزيد من الأخبار